Mobile Thumbnail | Breastfeeding & Sleep
يُقام الأسبوع العالمي للرضاعة الطبيعية من 1 إلى 7 أغسطس من كل عام للاحتفاء بجمال الرضاعة الطبيعية ونشر الوعي بفوائدها الصحية لنمو الطفل. تحمل حملة هذا العام شعار: "إعطاء الأولوية للرضاعة الطبيعية: بناء أنظمة دعم مستدامة"، لتؤكد أهمية توفير الدعم الحقيقي للأمهات في المستشفيات، وأماكن العمل، والمجتمع، وحتى في منازلهن، حتى تصبح الرضاعة الطبيعية خياراً سهلاً لجميع الأمهات.
نعلم أن الرضاعة الطبيعية قد تحمل معها بعض الصعوبات والشكوك، لكنها أيضاً تحمل أروع لحظات التواصل والحب بينكِ وبين صغيركِ. ومن هنا، تستغل جِم وإيف هذا الأسبوع للحديث عن الرابط بين الرضاعة والنوم: من تفنيد المعتقدات الخاطئة إلى مشاركة معلومات علمية مشجعة ونصائح عملية تساعدكِ في رحلتك.
Breastfeeding and Sleep

هل هناك رابط حقيقي بين الرضاعة والنوم؟

الرضاعة والنوم موضوعان حساسان للغاية، خصوصاً للأم الجديدة، كما أنها مليئان بالمشاعر والتوقعات وحتى المخاوف.

لذلك، ليس غريباً أن تطرحي أسئلة مثل: هل الرضاعة الطبيعية سبب استيقاظ طفلي المتكرر؟ هل يجب أن أتوقف عن الإرضاع ليحصل طفلي على نوم أفضل؟ هل سينام طفلي طوال الليل يوماً ما؟

والحقيقة أن الرضاعة الطبيعية والنوم يمكن أن يتعايشا بتناغم تام، ولا داعي للاختيار بينهما. لنتعرّف على التفاصيل.

Breastfeeding & Sleep Myth Image

هل الأطفال الذين يرضعون طبيعياً لا ينامون جيداً؟ بين الحقيقة والوهم

هذا واحد من أكثر المخاوف التي نسمعها: "طفلي يرضع طبيعياً، لذلك من غير الممكن أن ينام لفترات طويلة، أليس كذلك؟"، لكن الدراسات تثبت عكس ذلك. هناك مراجعة علمية أجريت عام 2023 على 35 دراسة، وقد وجدت أنه رغم أن الأطفال الذين يرضعون طبيعياً يستيقظون أكثر، إلا أنّ مجموع ساعات نومهم (ونوم أمهاتهم) يساوي تقريباً الأطفال الذين يتغذون بالحليب الصناعي.

بكلمات أبسط:

  • الأطفال الذين يرضعون طبيعياً قد يستيقظون مرات أكثر لكنهم يعودون للنوم أسرع.
  • الأمهات المرضعات أيضاً يستعدن النوم بسرعة بفضل هرمونات مثل الأوكسيتوسين والبرولاكتين.
  • مع بلوغ عمر 6–9 أشهر تختفي هذه الفروقات بالكامل تقريباً.

الاستيقاظ في الأشهر الأولى لا يعني أن طفلك "لا ينام بشكل كافي"، بل يعني أنه يتبع نمطاً طبيعياً يتطور مع نموه.

Breastmilk: More than Nourishment | Image

حليب الأم: أكثر من مجرد غذاء

حليب الأم ليس مجرد غذاء؛ إنه مزيج طبيعي مذهل يساعد طفلك على النوم ويوفر له الراحة والاسترخاء، فهو يحتوي على:

  1. الميلاتونين (يزداد في الليل): يساعد في ضبط إيقاع النوم.
  2. التربتوفان: حمض أميني يعزز إنتاج السيروتونين والميلاتونين.
  3. الكوليسيستوكينين (CCK): هرمون يمنح الإحساس بالشبع والنعاس.

إضافةً إلى ذلك، التلامس الجسدي أثناء الرضاعة ينظم حرارة طفلك ونبضه وتنفسه، فيشعر بالأمان والاسترخاء ويتهيأ للنوم. بكل جلسة رضاعة، لا يحصل طفلك على الغذاء فقط، بل على شعور عميق بالأمان والراحة.

Breastfeeding & Sleep Image

الرضاعة لمساعدة الطفل على النوم: عادة سيئة أم فطرة سليمة؟

من الطبيعي جداً أن يغفو طفلكِ أثناء الرضاعة؛ فالدفء واللمس والرائحة المألوفة كلها أمور توفر له الطمأنينة، فهل هذه عادة سيئة؟ قطعًا لا. إنها طريقة بيولوجية طبيعية وثرية عاطفياً لمساعدة الطفل على النوم، خاصة في الأشهر الستة الأولى.

الرضاعة تفرز هرمونات مهدئة لكِ ولطفلك، ودفء حضنك وصوتك ورائحتك هي البيئة المثالية لشعوره بالأمان. هذه ليست عادة سيئة، بل هي الفطرة في أجمل صورها.

بحلول عمر ستة أشهر تقريباً، يكون طفلك قد طور البنية العصبية اللازمة للبدء في النوم لفترات أطول. ومن منظور الترابط العاطفي، فإن الحب والارتباط والثقة التي وفرتيها لطفلكِ هي بمثابة حجر الأساس الذي يجعله يشعر بالأمان الكافي للقيام بذلك. ومع استمرار دعمك، ومع إرضاعه مرة أو مرتين كل ليلة، يستطيع الكثير من الأطفال البدء بالاستقرار والاستقلال بشكل تدريجي.

إذا بدأ طفلك يواجه صعوبة في ربط دورات النوم، أو لاحظتِ أنه يعتمد على الرضاعة في كل مرة يستيقظ فيها، فهذا لا يعني أنكِ ارتكبتِ خطأً ما. قد يكون الأمر ببساطة أنه حان الوقت المناسب لتوسيع وسائل الراحة التي تساعده على النوم.

جرّبي الأمور التالية:

  • روتين ثابت وهادئ قبل النوم.
  • لعبة مريحة أو رائحة مألوفة.
  • طلب المساعدة من زوجك أو من أحد أفراد العائلة.
  • الهز أو التربيت أو الأصوات البيضاء أو الهمهمة.

أنتِ لا تزيلين الرضاعة من المعادلة، بل توسعين الطرق التي يشعر بها طفلك بالأمان الكافي للنوم، أي أنك تساعدينه برفق على اكتشاف أن النوم يمكن أن يتحقق بطرق مختلفة، وليس بطريقة واحدة فقط.

قد يظن البعض أن ترك الأطفال ليبكوا بمفردهم هي الطريقة المثالية لتحفيزهم على عدم الاعتماد على الرضاعة بشكل كامل، لكن الأمر ليس كذلك، فمسؤوليتكِ هي توجيه طفلكِ نحو النوم بمحبة، مع البقاء على تواصل وتجاوب. المقصود أن توفري لطفلك مساحة آمنة للنوم والدعم العاطفي، لا أن تحمليه دائماً بين ذراعيكِ، وأن تثقي بأن استقلاليته المتزايدة ليست رفضاً لكِ، بل نتيجة طبيعية للترابط الآمن الذي بنيتيه معه.

لذلك، إذا كان طفلك دائماً ما ينام أثناء الرضاعة وتشعرين الآن أنكِ مستعدة لإجراء بعض التغييرات اللطيفة، فاعلمي هذا: أنتِ لا تفسدين شيئًا ثمينًا، بل تطورينه.

Baby Sleeping

دعم النوم بلطف دون الاستغناء عن الرضاعة الطبيعية

لا حاجة للاختيار بين الرضاعة والنوم، إذ يمكنكِ تحقيق التوازن بينهما من خلال بعض الأسس، وهي:

وجبات مشبعة في النهار

شجعي على الرضاعة العميقة والنشطة خلال ساعات النهار لتقليل الجوع ليلًا.

روتين ما قبل النوم

جربي التسلسل التالي: رضاعة ← استحمام ← أغنية ← حضن ← نوم. هذا التنوع يبني المرونة التي يحتاجها الطفل لكي ينام دون الاعتماد على الرضاعة بشكل أساسي.

مراقبة فترات اليقظة

احرصي على أن يحصل طفلكِ على فترات نوم عند شعوره بالنعاس بدلًا من الالتزام بجدول صارم خوفاً من استيقاظه ليلاً.

الرضاعة الليلية

بعد عمر 4 أشهر، قد تساعد الرضاعة بين الساعة 10 و11 مساءً في إطالة فترات النوم الأولى.

تعليم النوم المستقل

ابتداءً من عمر 5 إلى 6 أشهر، تقوم بعض الأمهات تجربة أساليب لطيفة تساعد على النوم المستقل دون التضحية بالارتباط العاطفي.

الأمر ليس مجرد قواعد صارمة، بل احترام وتفهّم ما يناسب طفلكِ وعائلتكِ.

Sleep Support Image

متى يجب طلب الدعم؟

في بعض الأحيان، ورغم الحب والجهد وكل المعلومات الصحيحة، قد يبقى النوم مرهقاً. إذا شعرتِ بأي مما يلي، فقد حان الوقت لطلب الدعم:

  1. طفلك يستيقظ كل ساعة ويجد صعوبة في الاستقرار.
  2. الرضاعة أصبحت مرهقة جسدياً أو عاطفياً.
  3. تشعرين القلق أو الحيرة من أين تبدئين.
  4. طفلك لا يكتسب الوزن أو يبدو منزعجاً دائماً.

طلب الدعم لا يعني أنكِ فشلتِ، بل يعني أنكِ بحاجة إلى مساعدة لكي يحصل طفلكِ بالتالي على الرعاية التي يستحقها. إذا وصلتِ إلى مرحلة تشعرين فيها بأنكِ بحاجة للمساعدة، اختاري الشخص الذي يمكنه مساعدتكِ بالفعل، سواء كان استشاري رضاعة، أو أخصائي نوم، أو طبيب أطفال موثوق، تذكري أنهم موجودون لدعمك، لا للضغط عليكِ أو الاستهانة بمشاعرك.

أنتِ الخبيرة الأولى بطفلك، ولا أحد يعرفه مثلكِ، وأي دعم تطلبينه يجب أن يكون بمثابة شراكة، وليس وصفة جاهزة يتم تطبيقها دون تفكير.

ختاماً: تأكدي أنك لست وحدك في هذه الرحلة

الرضاعة الطبيعية والنوم من أكثر جوانب الأمومة حساسية وإرهاقًا، وكثيراً ما تُترك الأمهات ليواجهن هذه التحديات وحدهن. لكن الحقيقة أنكِ لم لستِ وحدكِ التي تمرين بهذه المرحلة، والعديدون هنا موجودون لدعمك.

في الأسبوع العالمي للرضاعة الطبيعية، بينما نعمل جميعاً على بناء أنظمة دعم مستدامة، تذكري دائماً:

  • لستِ مضطرة للاختيار بين الرضاعة والنوم.
  • لستِ مضطرة لاتباع قواعد صارمة.
  • لستِ مضطرة لخوض هذه الرحلة وحدك.

سواء كان طفلك ينام لخمس دقائق أو لخمس ساعات، وسواء أرضعتِه لأيام أو لسنوات، أنتِ أم استثنائية تستحق كل الدعم.